تاريخ

أراد أن يتزوج أمه ذات يوم .. قصة الفيلسوف “جان بول سارتر” الذي قال: “لقد عرفنا كل شي باستثاء كيفية العيش”

أراد أن يتزوج أمه ذات يوم .. قصة الفيلسوف “جان بول سارتر” الذي قال: “لقد عرفنا كل شي باستثاء كيفية العيش”

ايفا بوست – فريق التحرير

جان بول سارتر كان كاتبًا مسرحيًا وفيلسوفًا وناشطًا سياسيًا فرنسيًا مشهورًا، أثر في بعض المجالات المعرفية مثل علم الاجتماع و الدراسات الأدبية.

وكان شخصية بارزة في كل من الفلسفة الوجودية و والفلسفة الظواهرية، وقد اعتبر واحدًا من أبرز الشخصيات الفرنسة في القرن العشرين.
بالرغم من أنه حاز جائزة نوبل في الأدب عام 1964 إلا أنه رفضـ.ـها، حيث قال بهذا الشأن؛ إن الكاتب لا يجب أن يصبح مؤسسة.

تقوم فلسفة سارتر الوجودية على دعمه لفكرة أنه لا يوجد خالق وأن البشر “محكومون بأن يكونوا أحرارًا”، ووفقًا له فإن عدم وجود خالق يعني أنه لا جوهر للوجود البشري.

وكونه ماركسي كان معجبًا بالاتحاد السوفيتي على الرغم من أنه كان يحمل حماسًا كبيرًا للحركات السياسة الفرنسة، وقد قال بأنه لم ينضم إلى الحزب الشيوعي.
وفي الوقت الذي دمـ.ـرت فيه آماله في الشيوعية بعد دخول الدبـ.ـابـ.ـات السوفيتية إلى بودابست، لم يدن هذا الفعل فحسب بل انتـ.ـقد الحزب الشيوعي الفرنسي كونه كالدمية في يد إملاءات موسكو.

وبالرغم من أنه يعتبر الماركسية هي أفضل فلسفة في العصر الحالي إلا أنه يقول بأنها تحتاج إلى بعض التغييرات البسيطة كتعلم تثمين واحترام الحريات الفردية للوجود الإنساني.

بدايات جان بول سارتر

ولد جان- بول تشارلز أيمارد سارتر في 21 حزيران/يونيو 1905 في باريس- فرنسا وهو الابن الوحيد لوالده جان- بابتيست سارتر الذي كان يعمل ضابطًا في البحرية، والدته آن- ماري شوايتزر.

في البداية خسـ.ـر والده وهو طفل صغير، مما دفع بوالدته للعودة إلى منزل أهلها لتتمكن من تربية ولدها، عندما كان شابًا بدأ سارتر يهتم بالفلسفة بعد قراءته مقالة Time and Free Will لهنري بيرغسون.
وحصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من École Normale Supérieure في باريس، استحوذت عليه أفكار كانط وهيغل وكيركيجور و هيوسرل وهايدغر من بين باقي الفلاسفة.

في عام 1929 عندما كان في École Normale التقى سيمون دي بوفوار وقد كانت طالبة في جامعة السوربون وأصبحت فيما بعد فيلسوفة مشهورة وكاتبة تنادي بالمساواة بين الرجل والمرأة (ناشطة نسوية).

بعدها أصبحا شريكين لبقية حياتهما، بالرغم من أن كل منها لا يؤمن بالزوجة الوحيدة، إلا أنهما كان فيلسوفان وناشطان في مجال المساوة بين الرجل والمرأة.

حين أراد سارتر أن يتزوج أمه ذات يوم!

في إحدى مقاطعات شرق فرنسا، التقى ذات مرة أستاذ لغة ألمانية بفتاة جميلة غير متدينة، تزوجا فأنجبا أربعة أطفال منهم فتاة جميلة هي الصغرى حملت اسم “آن ماري”.

في ذاك الوقت، وفي مكان آخر، كان أحد الأطباء قد خاصم زوجته بعد أن اكتشف أنها كذبت عليه بخصوص والدها الذي اتضح أنه ليس ثريا، لكن ذلك لم يمنعهما من الإتيان بالطفل “جون باتيست”.
بعد سنين من كل هذا، جمع القدر بين تلك الفتاة الصغيرة “آن ماري” التي أصبحت شابة في العشرين مع ضابط البحرية “جون باتيست”.

فارتبطا دون أن يعرفا بعضهما كثيرا وكان ثمرة ذلك طفل واحد أوحد اسمه (جون بول سارتر) الذي سيكون لاحقا الكاتب والفيلسوف الشهير ورائد الفكر الوجودي.

لم تمر سوى فترة قصيرة -حوالي خمسة عشر شهرا- على ميلاد الطفل سارتر لتبدأ المصـ.ـائب في العائلة الصغيرة.

لقد توفي الزوج “جون باتيست” فكانت الصـ.ـاعقة على زوجته “آن ماري” التي وجدت نفسها بلا مال ولا معيل مع ابنها الرضيع.

فما كان منها إلا أن عادت إلى منزل والديها (شارل) و(لويز) اللذان طبعا عليها صفة -أرملة بنكهة مطلقة- لدرجة أن أمها كانت تلومها لأنها تزوجت شخصا مات بسرعة.

هذا ما يرويه جون بول سارتر في الصفحات الأولى من مذكراته (الكلمات) -التي كتبها في الخمسين من عمره- عن عـ.ـذاب أمه “آن ماري” مع جديه في منزلهما الذي يصفه بالكـ.ـابوس المشترك لدرجة انه جعل حليب ثدييها يجف، فعُهِد به لإحدى المرضعات حتى لا يُفطم متأخرا.

وتحدث سارتر عن العتاب المتواصل والاحتـ.ـقار الصامت لأمه التي اضـ.ـطرت أن تعمل في وظائف عدة لتنال الغفران وتقوم بأشغال البيت بتفانٍ تام لأن الجدة ستحاسبها مساء كل يوم على كل شيء.

كما أنها لا يجب أن تبدي رأيها حول أي قضية لأنهم سيتهمونها إما بالرغبة في السيـ.ـطرة والتمـ.ـرد أو بلامبالاتها وتجاهلها لقضايا العائلة.

حتى المصروف كان أبوها يتناسى إعطاؤه لها وكذا ملابسها التي بليت على جلدها دون أن تشتري أخرى.
وعندما تدعوها صديقاتها الى حفل ما فيجب عليها أن تذهب متأخرة وأن تعود قبل العاشرة ليلا وإلا فيد والدها ستبدأن بالعمل.

في خضم هذا كان الطفل سارتر يرى أمه كفتاة عذراء عملاقة يعتبرها شقيقته الكبرى لأنها كانت تقتسم معه غرفة الأولاد في منزل جديه.
والأولاد هنا هم سارتر وأمه، كان يتحسس القهر التي كانت تعانيه في وسطها فيقول: “إنها هنا لتخدمني، إنني أحبها لكن كيف أحترمها ولا أحد يحترمها هنا؟”.

لقد كان ينظر إليها بشفقة وهي تنظر إليه بحب وتقص عليه مصائب الصباح والمساء، وذات مرة تأمل الطفل البريء بنظرات عميقة في عيني أمه المليئتان بالحزن وأخبرها بأنه سيتزوجها.

لقد وعد الطفل أمه بالزواج لكي يحميها فهو يعلم أنها تعـ.ـاني ولكونه يحبها فقد ظن أن الزواج هو الحل الوحيد لمـ.ـأسـ.ـاة أمه التراجيدية.

وقد ساهمت كل هذه الأحداث في تكوين عقل ساتر لأفكار معادية للذكورية وجعله فيما بعد فيلسوفا حاملا للواء الحركات النسوية مع زميلته الكاتبة سيمون دي بوفوار.

إنجازات جان بول سارتر

عام 1939 تم تجنيد سارتر في الجيش الفرنسي حيث خدم في الأرصاد الجوية، وأسـ.ـره الجيش الألماني عام 1940 وأمضى تسعة أشهر كأسـ.ـير حـ.ـرب.

نال بعدها الحرية وعاد إلى الحياة المدينة، تمكن حينها من الحصول على عمل كمدرس في Lycée Pasteur خارج باريس.

وبعد عودته إلى المدينة، اشترك مع مجموعة من الكتاب في تأسيس مجموعة سرية عرفت باسم الاشتراكية والحرية، لكن تم حل المجموعة بعد فترة قصيرة.

قرر عندها أن يتجه إلى الكتابة بدلًا من تأسيس الجمعيات ذات النشاطات السياسية المقـ.ـاومة، وخلال فترة قصيرة نشر Being and Nothingness، وThe Flies ومن ثم No Exit، جعلت منه أعماله المتعلقة بالفلسفة الوجودية اسمًا مألوفًا حينها.

استفاد سارتر في أعماله من تجاربه الخاصة زمن الحـ.ـرب، بعد تحرير باريس كتب “معـ.ـاداة السامية واليهود”، وقد حاول من خلالها أن يوضح مفهوم الكـ.ـراهية من خلال تحليل معـ.ـاداة السامية.
بعد الحـ.ـرب العالمية الثانية انخرط في النشاط السياسي، وقد كان يعبر بصراحة عن معارضته للحكم الفرنسي في الجزائر، اعتنق الماركسية وزار كوبا حيث التقى فيديل كاسترو وتشي غيفارا.

عارض الحـ.ـرب الفيتنامية وشارك في محكمة تهـ.ـدف إلى فضـ.ـح جـ.ـرائم الولايات المتحدة عام 1967، واستمر سارتر بالكتابة وقد كانت منشوراته الرئيسية بعد عام 1955.
ابتعد سارتر عن الأدب خلال السنوات العشر الأولى من حياته، وأوضح أن الأدب يعمل في نهاية المطاف كبديل برجوازي للالتزام الحقيقي في العالم.

وفاة جان بول سارتر

وضع سارتر نمطًا للحياة مع القليل من الممتلكات، وبقي ملتزمًا بالنشاطات السياسية والإنسانية حتى نهاية حياته بما في ذلك مشاركته في مظاهرات باريس عام 1968.

تدهـ.ـورت الحالة الصحية لسارتر عام 1970 وأصبح شبه أعمى عام 1973، توفي سارتر في الخامس عشر من نيسان/أبريل 1980 في باريس بسبب وذمة رئوية.

ودفن في مقبرة مونتبارناس حيث قال أنه سيتشارك القبر مع شريكة حياته سيمون دي بوفوار.

حسام تحسين بيك يكشف عن أجمل ذكرى بحياته.. وهذا ما نصح جميع الأطفال به!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى