تاريخ

أسلم بسببه 12 ألف ياباني وكاد أن يتسبب بإسلام الإمبراطور .. قصة الصعيدي “علي الجرجاوي” أول مصري يصل اليابان

أسلم بسببه 12 ألف ياباني وكاد أن يتسبب بإسلام الإمبراطور .. قصة الصعيدي “علي الجرجاوي” أول مصري يصل اليابان

ايفا بوست – فريق التحرير

في عام 1905 كانت الأمور ليست على ما يرام في مختلف دول العالم بسبب انتشار الحـ.ـروب، ومنها ما كان بين روسيا واليابان من محاولة لبسط النفوذ على كوريا.

بعد أن انتهى الأمر بين روسيا واليابان لصالح اليابان على إثر معـ.ـركة تسوشيما البحرية التي حدثت في مايو/ أيار من عام 1905،  وتوقيع البلدين لمعاهدة بوساطة أمريكية.

بدأ ظهور دولة اليابان الصغيرة حجماً آنذاك بوصفها قوةً صاعدة، لا سيما أن نصرها كان من أسباب الثورة الروسية لاحقاً حسبما تذكر بعض المصادر.

بعد أن انتصرت الإمبراطورية اليابانية، وضمن مساعيها لرسم ملامحها الدولية، أعلنت عن تنظيم مؤتمرٍ عالميٍ للأديان.

وقد وجهت دعوات لمختلف دول العالم لإرسال ممثلين عن كافة أديان الأرض للمشاركة في المؤتمر الذي ستتخلله المناظرات.

في تلك الأثناء كان في مصر رجلاً أزهرياً (يدرس في الأزهر)، يدعى علي أحمد الجرجاوي، أو الشيخ الجرجاوي كما بات يطلق عليه أهل مصر، وقد سمع بدعوة الإمبراطورية اليابانية.

كان الشيخ الجرجاوي يعيش في قريته أم القرعان في مركز جرجا (التي سمي الجرجاوي نسبةً لها) التابعة لمحافظة سوهاج في صعيد مصر.

نشأة الشيخ الجرجاوي ووصول خبر مؤتمر اليابان إليه

وقد عاش الرجل سنين عمره الأولى في قريته، وانتظم في الكتاب فيها حتى تعلّم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم كاملاً وتفقه ببعض علوم الدين البسيطة.

انتقل بعد ذلك الجرجاوي إلى مركز مدينة جرجا التي تضم معهداً أزهرياً يحمل تاريخاً كبيراً، إذ تم إنشاؤه عام 1596.

وهو ما جعل مدينة جرجا شهيرة بتخريج العلماء الأزهريين الذين تلقى الشيخ الجرجاوي العلوم الشرعية واللغة على يدهم، قبل أن يتم إرساله إلى القاهرة باعتبارها المدينة الأكبر لإكمال دراسته هناك.

وفي عام 1899 أنشأ الشيخ الجرجاوي صحيفة أسماها صحيفة “الإرشاد”، ليعمل بها ويتمرس في الكتابة والصحافة.

وهو ما مكنه من الاطلاع على أخبار العالم خارج مصر، وهو ما مهد له رحلته إلى اليابان التي سنرويها خلال السطور القادمة.

 بعد دعوة الإمبراطورية اليابانية لمؤتمر الأديان، والذي تقول بعض المصادر أن الهدف من ذلك المؤتمر هو المقارنة بين الأديان العالم كلّها.

ثم اختيار واحداً منه ليكون الدين الرسمي الجديد للإمبراطورية اليابانية، كي تواكب المرحلة الجديدة من تاريخها بعد أن باتت تعد بين دول العالم العظمى.

بداية الرحلة إلى الإمبراطورية اليابانية 

وصل خبر ذلك المؤتمر للشيخ الصعيدي الجرجاوي، فاهتم بالموضوع اهتماماً كبيراً، وسعى عبر صحيفة الإرشاد التي يملكها للدعوة لتشكيل وفد علماء من الأزهر الشريف.

كي يكون له السبق في تمثيل الدين الإسلامي بالمؤتمر الذي دعت له اليابان.

ويذكر الجرجاوي في كتابٍ له يدعى “الرحلة اليابانية” أن وجهة نظره من ذلك كانت بأن “مسلمو مصر أولى أن يحوزوا تلك الأفضلية بسبب وجود الأزهر بين ظهرانيهم”.

حظيت الدعوة التي أطلقها الجرجاوي بانتشار في بعض الصحف المصرية آنذاك، لا سيما الإسلامية منها، لكن لم يستجب أحد لدعوته على الصعيد الرسمي.

سوى بعض الأفراد ذكر اثنين منهم في كتابه أحدهما ذكر اسمه وهو الشيخ أحمد موسى المصري والذي كان إماماً لمدينة كلكتا الهندية ببعثة من الأزهر، والآخر كان شيخاً تونسياً لم يرد ذكر اسمه في الكتاب.

عندما لم يجد الشيخ الجرجاوي استجابةً رسمية لدعوته، ولا دعماً لها، عاد إلى قريته أم القرعان في جرجا، وباع 5 فدادين كان يملكها.

ليستخدم ثمنها في مصاريف سفره إلى اليابان التي استمرت حوالي شهرين، قبل أن يعود ليروي قصّتها بالتفصيل في كتاب “الرحلة اليابانية”.

يستعرض الجرجاوي في كتابه تفاصيل رحلته كاملة، ابتداءاً من صعوده بالقطار من العاصمة المصرية القاهرة إلى مدينة الإسكندرية الساحلية التي صعد الباخرة فيها متجهاً إلى اليابان مروراً بالعديد من الدول.

التي ذكر عن كل واحدةٍ منها بعضاً من قصصها وتاريخها وعلاقتها بدين الإسلام وكيف دخل إليها، أو علاقة تلك الدولة بالإسلام إن لم تكن دولة إسلامية.

كما ذكر الجرجاوي في كتابه بعضاً من طرائف أهل تلك البلدان وأشار لبعض ثقافاتهم العلمية والتعليمية وطرق لباسهم وطعامهم وغيرها من التفاصيل التي ذكرها الشيخ الذي هدف برحلته إلى اليابان لأمرين اثنين حسبما يذكر.

أولهما حضور المؤتمر الإسلامي ومحاولة إقناع الإمبراطورية بدين الإسلام، والثاني هو استكشاف بعض دول العالم والاطلاع عليها.

وبعد سفرٍ طويل وزيارة العديد من المدن والبلدان، وصلت الباخرة التي على متنها الشيخ الجرجاوي إلى ميناء يوكوهاما الياباني.

ولقيه هناك شيخان مسلمان أحدهما صيني والآخر روسي، رافقاه خلال رحلته التي بلغت مدتها 32 يوماً حسبما يؤكد.

إسلام 12 ألف ياباني على يد الجرجاوي 

أقام الجرجاوي في يوكوهاما وقتاً قصيراً قدر بيومين اثنين للراحة، ثم انتقل برفقة الروسي والصيني إلى عاصمة الإمبراطورية اليابانية طوكيو، وأقام فيها منتظراً المؤتمر الذي أتى من أجل حضوره.

وفي أثناء انتظاره لحضور المؤتمر، بدأ الشيخ في الدعوة إلى دين الإسلام، وقام بصحبة الشيخين الروسي والصيني بتأسس جمعية إسلامية استأجرا لها مقراً هناك.

وبالفعل، بدأت الجمعية بنشاطها ومحاولة نشر دين الإسلام، إلى أن تمكن الشيخ الجرجاوي من أن يسلم على يده أول رجل ياباني.

كان يدعى “جازييف” ويجيد العربية وهو الذي ساهم بترجمة بعض خطب الشيخ لليابانية ونشرها على الناس ويدعوهم لزيارة الجمعية حسبما يذكر الكتاب.

 

نظمت الجمعية حوالي 18 لقاءاً جامعاً للناس على مدار الأيام التي أقام فيها الجرجاوي هناك، وهو ما كان سبباً مباشراً لأن يسلم حوالي 12 ألف من اليابانيين حسبما يذكر الجرجاوي.

وصف الجرجاوي لما كان بينه وبين إمبراطور اليابان 

ذكر الجرجاوي في “الرحلة اليابانية” تفاصيلاً كثيرة عن فترة إقامته في اليابان، وكيف دعا الناس إلى الإسلام وردود فعلهم فضلاً عن بعضاً من ثقافة الناس هناك، بحسب تقرير لموقع “ساسة بوست” نشر عام 2015.

وذكر فيما ذكره وصفاً لإمبراطور اليابان آنذاك “متسوهيتو”، حيث أبدى إعجابه بشخصيته، وأطلق عليه لقب “الميكادو”.

وقد قال الجرجاوي عن “متسوهيتو” في كتابه :” يصح أن يقال إن الميكادو فرد جمع الله في العالم”، حسب تعبيره، واصفاً أن “الإمبراطور كاد أن يسلم لولا خـ.ـوفه من تفرق أمته وانشـ.ـقاقها على بعضها” بحسب كتاب الجرجاوي.

هل زار اليابان حقاً؟

أثارت قصّة الجرجاوي وكتابه موجة من الجدل بين الباحثين، إذ ذهب كثيرون منهم إلى أن روايته غير صحيحة، مستشهدين بذلك على بعض النقاط من كتابه نفسه.

من بين هؤلاء الباحثين صالح مهدي السامرائي، رئيس المركز الإسلامي في طوكيو، والباحث المصري حسام تمام، الذي قال أن إسلام 12 ألف ياباني خلال شهرٍ واحد هو رقم مبالغ فيه، فضلاً عن عدم تصديقه لرواية الجرجاوي عن عزم  الإمبراطور الإسلام.

فيما يقول السامرائي، إن الجرجاوي لم يزر اليابان أصلاًن معتبراً أن طريقة وصفه لليابان تؤكد أنه وصف شخص لم يصل تلك الأرض أبداً.

كما أن سجل الصحافة آنذاك يعزز من موقف الأشخاص القائلين بعدم صحة رحل الجرجاوي، نظراً إلى أن المؤتمر آنذاك كان مؤتمراً حوارياً بين الأديان، أي مؤتمر للحوار والتعاون بين الأديان.

وليست مؤتمراً للبحث عن دين جديد كما ذكر الجرجاوي في كتابه ونسج حوله قصة رغبة رجال الحكم في اليابان باختيار دين جديد للإمبراطورية.

 وصل بالفعل إلى اليابان

لكن مقابل ذلك، تحدثت بعض المصادر عن وصول الجرجاوي إلى اليابان التي تبعد عن مصر حوالي 10 آلاف كيلو متر بالفعل.

ومنها ما ذكره باحث ياباني يدعى “عبد الرحمن سوزوكي”، من أنه قام بزيارة الفندق الذي أقام فيه لمدة يومين في يوكوهام، ووجد اسمه موجوداً في سجلات الفندق القديمة وبجواره الختم الخاص بالجرجاوي.

كما ذكر عبد الرشيد إبراهيم، مؤلف كتاب “عالم الإسلام” في كتابه أن لقاءاً جمعه مع وزير الخارجية الياباني في عام 1906.

وأخبره خلاله الوزير الياباني بأن مصرياً جاء إليه وأطلعه عن رغبته في أن يدعو الإمبراطور لدخول الإسلام، لكنه لم يذكر ما إن كان الجرجاوي قد قابل الإمبراطور بالفعل أم لا.

 أول مصري يزور اليابان 

يذكر في كتابه أنه أول شخص مصري قام بزيارة إمبراطورية اليابان، حيث كتب يقول :”حسبي شرفاً أن هذه رحلة أول مصري وطأت قدميه تلك الأرض من قديم الزمن حتى الآن”.

يشار إلى أنه عندما سافر برحلته قام قام بإغـ.-لاق جريدة “الإرشاد”، وعند عودته أسس صحيفة أخرى أسماها “الأزهر المعمور” عام 1907.

وهو العام الذي تم تأسيس مدرسة للقضاء الشرعي تحت إشراف شيخ الأزهر، بحسب “ساسة بوست“.

وكان الغرض من تلك المدرسة أن يتم تخريج القضاة الشعريين والمحامين، ليلتحق بها الجرجاوي عند عودته ويتخرج ثم يعمل في المحاماة أمام المحاكم الشرعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى